بالفيديو / هنا المغرب العميق بــ (لبَلا والفَاسْ)نساء تزنيت يُصلحن الطريق المؤدي لدوارهن بعد رفض الجماعة اصلاحه


أحمد أولحاج
صار عادةً أن النساء في البوادي تُوكل لهن كل أشغال البيت من تنظيفٍ وكنسٍ وإعداد للطعام والاعتناء بالأولاد وجلب الماء والحطب وتربية الماشية إلى غير ذلك من المَهمات ،بينما –ومراعاة للخصوصيات ورأفة بها- يُعفيها الرَّجل من تلك الأعمال الشاقة المتطلّبة للمزيد من الجهد العضلي والقوة الجسمانية خارج محيط البيت وذاك أضعف الإيمان.
أما في قرية “تغرات” المنتصبة وسط جبل مطلّ على وادي “أولغاس” على بعد حوالي 10 كيلومترات من مركز جماعة أربعاء آيت احمد نواحي تيزنيت، فالأمر يختلف تمام الاختلاف، هجرة غالبية الطاقات الشابة إلى المدن بحثاً عن قُوت اليوم ،وقلة ذات يد رجال الدوار، في ظل واقع التهميش المفروض على المنطقة ، يُرغم الجنس اللطيف على أن يُشمرن على السواعد ويخرجن مع شقائقهن الرجال في كل المهمات.
بعضهن الآن هنا في مهمة إصلاح المسلك الطرقي الوحيد المؤدي الى الدوار بعد انقطاعه بسبب الأمطار .كلهن ثقةٌ في النفس وعزيمة لفتح المسلك مهما كلّف الأمر . إرادتهن لا تعرف المستحيل.وإن كنَّ لا يُخفين سُخطاً حادّاً تجاه المنتخبين المتعاقبين على المجلس الجماعي ، جزاءَ تهميشهم لدوار “تًغرات” وإقصائه في شتى المبادرات المتعلقة بالتنمية.
السيد “جامع سليت”، 64 سنة من ساكنة دوار ”تغرات” يحكي بمرارة شديدة وهو يُلوّح بيده تعبيرا عن عدم الرضا ،كيف أنه أفنى سحابة عمره إلى جانب الجيران في ترقيع المسلك كل موسم أمطار، ولا من يبادر إلى المساعدة من المسؤولين ،يجزم المتحدِّث .يتذكر “جامع” أباه الذي رحل إلى دار البقاء كيف كان يقاسي في ستينيات القرن الماضي لشقّ هذا الذي يُعتبرالمسلك الوحيد الذي يربط الدوار ب”العالم الخارجي” ،وكثيراً ما أنفق من جيبه لإصلاحه كلما دعت الضرورة.والآن يضيف جامع ” نحاول أن نَعُضَّ بالنواجد على هذه النعمة المتوارثة (الطريق) بلا معيل ،وهي شرياننا المؤَمّن لمستلزماتنا الغذائية ، نقوم بإصلاحه كل سنة بمعية النساء اضطرارا لغياب الحل البديل ،وهي المرة الثالثة التي نخرج فيها بمعيّتهن في محاولات للترقيع خلال هذا العام ” .
ويقول حسن سليت وهو شاب في الثلاثينيات من العمر ، من أبناء المنطقة ومقيم بالدار البيضاء إنه على غرار باقي أقرانه من شباب المنطقة لا يرضى بمشاهدة نساء من عائلته وجيرانه في مثل هذه الأوضاع التي تسيء للكرامة الانسانية أولا وتخدش جبين المرأة المغربية على وجه العموم ،لكن “الله غالْب، هذا هو المغرب العميق “يقول السيد حسن متسائلا في ذات الوقت “ألم يحن بعدُ زمن انصاف هؤلاء النسوة؟ أين نحن من شعارات الثامن من مارس،بالله عليكم ؟؟؟
حسن ظريف ممثل الساكنة لدى المجلس الجماعي صرح أنه هو الآخر لا يرضى بالوضع القائم، ومن جهته – يقول- قمت بعدة اتصالات في الموضوع مع مسيّري الشأن الجماعي ،على اعتبار أن الحل بيد الجماعة وهي المسؤولة المباشرة في الموضوع، كونها تتوفر على آليات كافية تسمح بالتدخل لإنهاء الإشكال كما حدث مع بعض المناطق بتراب الجماعة نفسها استعانة بجرافة وشاحنة كان المجلس السابق قد اقتناها لهذا الغرض بالذات، لكن ظريف يصطدم بجواب مفاده ضرورة أداء ال Quitance بالصندوق المالي للجماعة ،الشيء الذي لم يتسن لساكنة الدوار بعد، مستغربا “كون هذا الأداء تعفى منه مناطق معينة بآيت احمد دون أخرى بمعايير غير واضحة المعالم”.
وعلى أمل فك العزلة عن دوار “تغرات” حُقّ لنا أن أن ننحني تواضعا ونرفع القبعة احتراما وتقديرا لهؤلاء البطلات ونفتخر بمواطنتهن الخالية من كل المزايدات.
تنويه : الصور والفيديوهات في هذا الموضوع على هذا الموقع مستمده أحيانا من مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الأخرى. حقوق الطبع محفوظة بالكامل من قبل المصدر. إذا كان هناك مشكلة في هذا الصدد، يمكنك الاتصال بنا من هنا.